أنفلونزا الطيور؟ المولود غير المنتظر في الأزمات العالمية الحالية؟
هل نحن مستعدون لأنفلونزا الطيور؟
كيف تؤثر هجرة الطيور على انتشار هذا المرض؟
أين المواقع الحساسة لهذا المرض في فلسطين؟
الدعوة إلى تشكيل هيئة وطنية لمراقبة وتطور هذا الحدث فلسطينيا؟
كثرة في هذه الأيام الأحاديث العالمية المتعلقة بمرض أنفلونزا الطيور..هذا الحدث الذي تناقله الإعلام العالمي بشكل سريع حتى أصبح الإعلام المحلي أو الوطني حديثه الحادث..وليس فقط كناحية صحية أيضا..بل تعدت ذلك إلى هجرة الطيور العالمية عبر فلسطين... وبدأت التساؤلات الجادة حول عملنا نحن كجمعية متخصصة في هجرة على المستوى الوطني من ناحية دراستها وتحجيلها عبر إمساكها ومن ثم إطلاقها للطبيعة مرة أخرى وخاصة ضمن الحديقة النباتية /محطة أريحا لمراقبة ودراسة الحياة البرية وخاصة الطيور منها في الوقت الحاضر...وبل أيضا المواقع الفلسطينية التي من المتوقع وصول المرض إليها..أو لنجعل كلامنا أدق من ذلك لنقول " هل جميع مواقعنا الطبيعية معرضة للإصابة بهذا المرض؟ وهل مجتمعنا الفلسطيني معرض هو أيضا لهذا المرض؟؟
لمواجهة هذا الحدث..نقول انه يجب تشكيل لجنة وطنية أو هيئة لمراقبة ودراسة هذا الحدث ومتابعته وذلك لتفادي جميع المنعطفات الخطرة التي قد تحدث لا سمح الله لمجتمعنا الفلسطيني في المستقبل؟ وقد نكون مؤهلين في المستقبل القريب لضبطه منذ البداية؟؟؟؟ فهل من إجابات عن هذه الأسئلة؟
مرض العصر الحديث لهذا القرن؟
تعد الأنفلونزا واحدة من الأمراض الشائعة بين الناس ويعالجونها فى كثير من الأحيان دون اللجوء إلى طبيب، وكثيراً من المصابين يتجهون فى تشخيص وعلاج أنفسهم وتمر المسألة وكأنها شئ عادى. وقد تعود الناس على التعايش مع مرض الأنفلونزا على أنه زائر لابد منه، ولكن أحياناً يأتي هذا المرض الناتج عن فيروس الأنفلونزا بصورة شرسة لا يتوقعها أحد.
مرض أنفلونزا الطيور ومخاطره، الذي يصيب الطيور، والذي كان معروفاً أن مخاطره تتوقف عند الخسائر الاقتصادية لقطيع الطيور فقط، إلا أنه بمرور الوقت بدأ يكشر عن أنيابه ليشكل تهديداً مباشراً على صحة الإنسان وسلامته، وذلك لأنه كان من المعروف أن السلالات التي كانت تصيب الطيور لم تكن تنتقل عدواها إلى البشر حتى جاء عام 1997م ليتم اكتشاف أول حالة عدوى بين البشر بالسلالة المسببة لأنفلونزا الطيور (H5N1) فى هونج كونج، والتى أصيب على أثرها نحو 18 شخصاً بالعدوى، وظهرت عليهم أعراضاً تنفسية شديدة فتوفى منهم 6 أشخاص.
إن معظم الفيروسات تصيب الإنسان لمرة واحدة في العمر كفيروس الجدري المائي والحصبة، إلا أن فيروس الأنفلونزا له القدرة على إصابة نفس الشخص أكثر من مرة في العمر بل أكثر من مرة في العام لأن فيروس الأنفلونزا له خاصية معينة، وهى استطاعته تغيير تركيبته فينتج عن ذلك سلالات جديدة غريبة على الجهاز المناعي، عليه أن يتعامل معها وكأنها نوع جديد من الفيروس.
وقد أوضحت الأبحاث العلمية أن الاختلاط المباشر مع الطيور الحية المصابة هو مصدر عدوى أساسي للإنسان، كما ظهرت أيضاً حالات عدوى متوسطة من فيروس الأنفلونزا (H9N2) فى الأطفال (حالتين) في عام 1999م فى هونج كونج. وقد أعتبر هذا الفيروس H9N2)) غير ضار للطيور، ثم عاد الإزعاج مرة أخرى فى فبراير 2003 عندما أدى وباء أنفلونزا الطيور (H5N1) فى هونج كونج إلى إصابة حالتين ووفاة حالة واحدة من أفراد عائلة، وقد حدث أيضاً وباء بفيروس الأنفلونزا شديد الضراوة (H7N7)، والذى بدأ فى فبراير 2003 بهولندا أدى إلى وفاة طبيب بيطرى وظهور أعراض متوسطة علي 83 شخصاً آخرين، وفى منتصف ديسمبر 2003 ظهرت حالة واحدة أيضاً. واستمر مسلسل الخوف والذعر العالمى، ففي يناير عام 2004 أكدت الاختبارات المعملية عن وجود فيروس الأنفلونزا (H5N1) فى حالات بشرية بها أعراض تنفسية شديدة فى الأجزاء الشمالية من فيتنام لتتزايد مخاطر الخوف والقلق من هذا الفيروس الذي لا يعلم إلا الله متي ينتهى .
وفيروس الأنفلونزا ينتمي إلى عائلة Orthomyxoviridae ، وهو ينقسم إلى ثلاثة مجموعات A, B, C. وفيروس الأنفلونزا A هو الأكثر انتشاراً، ويتواجد فى أكثر من عائل سواء بالإنسان أو الثدييات الأخرى أو الطيور، وهذا الفيروس A هو الوحيد الذي له أهميته فى المجال البيطري ودائما ما يرتبط بالأمراض التنفسية فى العديد من الثدييات والطيور، أما فيروس الأنفلونزا B و C فهما يصيبان الإنسان، وهذا المرض عرف لأول مرة فى إيطاليا منذ أكثر من مائة عام، ففي عام 1890 أحدث هذا المرض نسبه وفيات عالية فى الطيور المستأنسة وسميت آن ذاك بطاعون الدجاج.
وفى عام 1955 وجد أن هذا المرض يسببه فيروس الأنفلونزا، وينتمي إلى الفيروس الذي يصيب أيضا الثدييات، وكانت كل الأعمار قابلة للعدوى بهذا الفيروسA وسمي بطاعون الدجاج Fowl plague ، والتي لم تعد تستعمل الآن وأصبح الاسم البديل له فيروس الأنفلونزا شديد الضراوة، وفى اختبارات العدوى الصناعية فقد أدى إلى نفوق 75% من الطيور المحقونة بفيروس الأنفلونزا إلى اعتباره فيروس شديد الضراوة .
وقد أظهرت أيضاً الأبحاث الحديثة أن الفيروس ذا الضراوة القليلة فى الطيور يستطيع بعد فترة صغيرة من الوقت أن تحدث له طفرة، ويصبح فيروس شديد الضراوة، فمثلا فى عام 1984 فى الولايات المتحدة الأمريكية كانت سلالة الفيروس A (H5N2) تتسبب فى البداية بإحداث نسبة نفوق قليلة، ولكن بعد ستة اشهر أصبحت شديدة الضراوة مسببه نسبة نفوق تعدت 90%، وللتحكم فى هذا الوباء فإن الأمر قد احتاج آن ذاك إلى التخلص من أكثر من 17 مليون طائر، بتكلفة وصلت إلى 65 مليون جنيه إسترليني
انتقال الفيروس بين الطيور :
1- تنتقل أنفلونزا الطيور من الطيور البرية والمهاجرة، وأيضاً الطيور المائية إلى الطيور المستأنسة كالدجاج والرومى من خلال الاحتكاك المباشر بالإفرازات الخارجة منها، وكذلك البراز أو الاحتكاك غير المباشر مثل المياه المحيطة بهذه الطيور أو وجود هذه الطيور فى حظائر الدجاج.
2- ينتقل فيروس الأنفلونزا من الطيور المصابة إلى الطيور السليمة من خلال (التنفس) استنشاق الرذاذ الخارج كإفرازات الأنف والجهاز التنفسى.
3- تنتقل الإصابة أيضاً فى أسواق الدواجن الحية، إما بالاحتكاك المباشر أو غير المباشر عن طريق أقفاص الطيور الملوثة بالفيروس، وكذلك الأدوات المستخدمة فى هذه الأسواق.
4- تنتقل العدوى عن طريق الحشرات والعمال الذين يتعاملون مع الطيور المصابة حيث أن الفيروس يكون عالقاً بملابسهم وأحذيتهم .
5- يمكن للخنازير أن تنقل الفيروس إلى الرومي حيث وجد أن الفيروس الخاص بالخنازير يمكن أن يتواجد فى الرومي، كما أن الخنازير تكون أكثر قابلية للعدوى بفيروس الطيور وفيروس الإنسان معاً فيكون بذلك الخنزير عائل اختلطت به الصفات الوراثية لفيروس الإنسان وفيروس الطيور، وينتج عنه عترة شديدة الضراوة .
هجرة الطيور العالمية عبر فلسطين:
تعد فلسطين من أفضل الأماكن في العالم لمراقبة هجرة الطيور وذلك بسبب موقعها الجغرافي المتميز بين قارتي أوروبا وإفريقيا ،حيث تعتبر بمثابة عنق زجاجة وممر جيد طويل المسافة لتلك الطيور،
وحيث أن فلسطين ممتدة لمسافة طويلة على الشواطئ الشرقية للبحر المتوسط، ولهذا فإن طيور شرق أوروبا المجاورة للبحر – تمر عادة فوقها وبكثافة عالية .
وتشاهد الطيور في فلسطين على فترات مختلفة في كل عام، وتأتي من موئلها الأصلي من أوروبا، وتذهب إلى إفريقيا وثم تعود في فترات أخرى إلى بلادها لتتكاثر وتعيد الحياة مرة أخرى،وتقدر أعداد هذه الطيور التي تمر من سماء فلسطين سنويا 500مليون طير أثناء هجرتها الربيعية والخريفية.
أما عن طرق عبورها فتقع في أربع محاور:الأولى غور أريحا على امتداد نهر الاردن والبحر الميت، والثاني فوق مناطق السفوح الشرقية والثالث المناطق الجبلية أو جبال القدس والرابع الخط الساحلي ومرورا بمنطقة شاطيء غزة إلى مصر عبر بحيرة البردويل..
وتتميز خطوط الساحل الفلسطيني ووادي ونهر الاردن بمرور عشرات الأصناف من الطيور المائية التي قد تكون حاملة لهذا المرض وخاصة مثل البط والزقزاق والنورس"منطقة غزة" ،وفيروس الأنفلونزا يصيب كل أنواع الطيور مثل الدجاج – الرومي - البط – الحمام – السمان – النعام – طيور الزينة – والطيور المهاجرة والبرية ومنها البط النهري والبري والزقزاق الشامي الشمالي "طائر مائي" وبعض أنواع الإوز والنورس ،وفى العصافير الصغيرة فإننا نجد أن نسبة النفوق تكون عالية فتصل إلى 35%، أما الطيور الكبيرة فنادراً ما تظهر عليها الأعراض المرضية إلا أنه من الممكن أن نجد الأجسام المضادة للفيروس التي تدل على أن هذه الطيور قد أصيبت سابقا بالفيروس.
طرق انتقال الفيروس إلى الإنسان :
1- الاحتكاك المباشر بالطيور البرية وخصوصاً طيور الماء التي تنقل المرض دون ظهور أي أعراض عليها .
2- الرذاذ المتطاير من أنوف الدجاج وإفرازات الجهاز التنفسي .
3- الملابس والأحذية الملوثة فى المزارع والأسواق .
4- الأدوات المستخدمة والملوثة بالفيروس مثل أقفاص الدجاج وأدوات الأكل والشرب وفرشة الطيور .
5- التركيز العالي للفيروس فى فضلات الطيور وفرشتها نظراً لاستخدام براز الطيور فى تسميد الأراضي الزراعية.
6- الحشرات كالناموس وغيره كنتيجة لحملة الفيروس ونقله إلى الإنسان .
7- الفئران وكلاب المزرعة والقطط التي تعمل كعائل وسيط فى نقل الفيروس للإنسان .
8- الاحتكاك بالطيور الحية المصابة فى الأسواق، والتي لعبت دوراً مهماً فى نشر الوباء القاتل مما أدى إلى إجبار مزارعي الدواجن فى أجزاء من آسيا على إبادة عشرات الملايين من الدواجن، حيث أن الأماكن التي يعيش